فصل: ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ:

مساءً 10 :53
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ مَنْ مَسَحَ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ أَوْ مُسَافِرًا ثُمَّ أَقَامَ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَهُوَ مُقِيمٌ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ سَافَرَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَهُ أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ يَحْتَسِبُ فِي ذَلِكَ مَا مَسَحَ وَهُوَ مُقِيمٌ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، إِذَا مَسَحَ وَهُوَ مُقِيمٌ يَوْمًا وَلَيْلَةً، ثُمَّ سَافَرَ انْتَقَضَ الْمَسْحُ وَلَمْ يُجْزِئْهُ إِلَّا غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا مَسَحَ الْمُقِيمُ عِنْدَ الزَّوَالِ، ثُمَّ سَافَرَ صَلَّى بِالْمَسْحِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ.
وَأَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يَقُولُ بِالتَّحْدِيدِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَسَحَ، ثُمَّ قَدِمَ الْحَضَرَ خَلَعَ خُفَّيْهِ، إِنْ كَانَ مَسَحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مُسَافِرًا، ثُمَّ قَدِمَ فَأَقَامَ فَإِنَّ لَهُ مَا لِلْمُقِيمِ، وَإِنْ كَانَ مَسَحَ فِي السَّفَرِ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. مَسَحَ بَعْدَ قُدُومِهِ تَمَامَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.

.ذِكْرُ حَدِّ السَّفَرِ الَّذِي يَمْسَحُ فِيهِ مَسْحَ السَّفَرِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حَدِّ السَّفَرِ الَّذِي يَمْسَحُ فِيهِ الْمُسَافِرُ مَسْحَ السَّفَرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ سَفَرُهُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ وَلَيَالِيهِنَّ مَسَحَ مَسْحَ الْمُسَافِرِ، فَإِنْ كَانَ سَفَرًا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَهَذَا وَالْمُقِيمُ سَوَاءٌ هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ لِكُلَّ مُسَافِرٍ أَنْ يَمْسَحَ مَسْحَ السَّفَرِ إِلَّا مُسَافِرًا مَنَعَ مِنْهُ حُجَّةٌ.
وَالْحُجَّةُ لِقَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ» وَلَمْ يَقُلْ يَمْسَحُ مُسَافِرٌ دُونَ مُسَافِرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ الْمُقِيمِ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَيَنْتَقِضُ وَقْتُ مَسْحِهِ، فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقَاوِيلُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ: أَحَدُهَا أَنَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَخْلَعَ خُفَّيْهِ وَيَسْتَأْنِفَ الْوُضُوءَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّ الْمَاسِحَ عَلَى خُفَّيْهِ إِذَا خَلَعَهُمَا تَوَضَّأَ، وَفِي قَوْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ يَخْلَعُ خُفَّيْهِ، وَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، فَأَمَّا فِي مَذْهَبِ رَبِيعَةَ، وَمَالِكٍ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ خَلْعُهُمَا، وَذَلِكَ أَنْ تُصِيبَهُ جَنَابَةٌ، أَوْ يَخْلَعَ الْخُفَّ، فَأَمَّا فِي قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى عَلَى مَنْ خَلَعَ خُفَّيْهِ وُضُوءًا، وَلَا غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَلَهُمْ فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ، وَإِنْ مَضَى وَقْتُ الْمَسْحِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ خَلْعُ الْخُفِّ، وَهَذَا أَقْيَسُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَخْلَعَ خُفَّيْهِ، وَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ. مَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ، وَإِنْ مَضَى وَقْتُ الْمَسْحِ مَا لَمْ يُحْدِثْ؛ لِأَنَّ مَنْ صَحَّتْ طَهَارَتُهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ فِي زَوَالِهَا لَمْ يَجِبْ إِعَادَتُهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ.

.ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الصَّغِيرِ:

كَانَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، يَقُولُونَ: إِذَا وَارَى الْخُفُّ الْكَعْبَيْنِ وَجَاوَزَ ذَلِكَ مَسَحَ عَلَيْهِ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَمْسَحُ حَتَّى يَكُونَ فَوْقَ مَوْضِعِ الْوُضُوءِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَأَنْكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا حِكَايَةَ أَبِي ثَوْرٍ هَذِهِ عَنْهُمْ، وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ حَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّهُمَا قَالَا: يَمْسَحُ الْمُحْرِمُ عَلَى الْخُفَّيْنِ الْمَقْطُوعَيْنِ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَيُمِرُّ الْمَاءَ عَلَى مَا بَدَا مِنْ كَعْبِهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ حِكَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَسْفَلُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ.

.ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْمُتَخَرِّقِ:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْمُتَخَرِّقِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُ عَلَى جَمِيعِ الْخِفَافِ مَا أَمْكَنَ الْمَشْيُ فِيهِمَا لِدُخُولِهِمَا فِي ظَاهِرِ أَخْبَارِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَذَكَرَ ذَلِكَ إِسْحَاقُ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَبِهِ قَالَ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو ثَوْرٍ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَلَوْ كَانَ الْخَرْقُ يَمْنَعُ عَنِ الْمَسْحِ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا كَانَ فِي الْخُفِّ خَرْقٌ بَدَا شَيْءٌ مِنْ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ. هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَمَعْمَرٍ صَاحِبِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ إِنْ كَانَ الْخَرْقُ قَدْ بَدَتْ أُصْبُعَهُ أَوْ كُلُّهَا أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ رِجْلِهِ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَغَسَلَ مَا بَدَا مِنْ رِجْلِهِ. هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ،.
وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنَّ الْخَرْقَ إِذَا كَانَ يَسِيرًا فَأَرْجُو أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ خَرْقُهُ كَثِيرًا فَأَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: وَهُوَ إِنْ كَانَ فِي خُفَّيْهِ خَرْقٌ تَخْرُجُ مِنْهُ أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ أَجْزَأَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ كَانَ ثَلَاثُ أَصَابِعَ لَمْ يُجِزْهُ، هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا خَرَجَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ لَمْ يُجْزِهِ الْمَسْحُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَذِنَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِمَا إِذْنًا عَامًّا مُطْلَقًا دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الْخِفَافِ، فَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ خُفٍّ فَالْمَسْحُ عَلَيْهِ جَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ السُّنَنِ إِلَّا بِسُنَّةٍ مِثْلَهَا، أَوْ إِجْمَاعٌ، وَهَذَا يَلْزَمُ أَصْحَابَنَا الْقَائِلِينَ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَالْمُنْكِرِينَ عَلَى مَنْ عَدَلَ عَنْهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ.

.ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا.
رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ لَبِسَ زَوْجَيْ خِفَافٍ: إِنِ احْتَاجَ فَالْأَعْلَى أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْنِ قَدْ لَبِسَهِمَا عَلَى خُفَّيْنِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يَمْسَحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ فَوْقَ الْخُفَّيْنِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَرَى أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْنِ قَدْ لَبِسَ أَحَدَهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنْ لَا يَجُوزَ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ بِمِصْرَ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخِفَافِ، فَإِنْ كَانَ الْجُرْمُوقَانِ يُسَمَّيَانِ خُفَّيْنِ مَسَحَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّيَا خُفَّيْنِ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَمَرَ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَأَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَلَيْسَ يَجُوزُ إِلَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ، أَوِ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ.

.ذِكْرُ الْمَسْحِ عَلَى ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ وَبَاطِنِهِمَا:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْحِ عَلَى بَاطِنِ الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ وَبَاطِنَهِمَا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ. وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمَكْحُولٍ.
470- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي نَافِعٌ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا، يَعْنِي مَسْحَةً وَاحِدَةً بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا.
471- حَدَّثَنَا هُشَامٌ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ظَاهِرًا، وَبَاطِنًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِهِمَا، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ.
472- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ: رَأَيْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ بَالَ، ثُمَّ أَتَى دِجْلَةَ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.
473- وَحَدَّثُونَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدِيُّ مِحْرَاقُ الْمَدِينِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، قُلْتُ: كَيْفَ مَسَحَ عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: مَسَحَ ظَاهِرَهُمَا بِكَفَّيْهِ مَسْحَةً وَاحِدَةً. وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الْأَحَادِيثُ عَلَى أَعْلَى الْخُفِّ وَضَعَّفَ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ الَّذِي:
474- حَدَّثَنَاهُ عَبْدُوسُ بْنُ دِيزَوَيْهِ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، ثنا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَمْسَحُ بِكَفَّيْهِ عَلَى ظُهُورِ خُفَّيْهِ مَسْحَةً جَرًّا إِلَى السَّاقِ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ: لَا يَمْسَحُ عَلَى غُضُونِهِمَا، قَالَ: وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يَمْسَحُ أَعْلَى الْخُفِّ، وَاحْتَجَّ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ.
475- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: رَأَيْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى ظُهُورِ الْخُفَّيْنِ.
476- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ زَحْمَوَيْهِ، ثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَكَّائِيُّ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ عَلَى ظُهُورِهِمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً إِلَى فَوْقُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا، قَالَ: وَرَأَيْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ، فَأَنَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَرَى أَنَّ مَسْحَ أَسْفَلَ الْخُفِّ وَحْدَهُ يُجْزِي مِنَ الْمَسْحِ، وَكَذَلِكَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ الْإِعَادَةَ عَلَى مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ أَعْلَى الْخُفِّ.

.صِفَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:

رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ حَتَّى رُئِيَ آثَارُ أَصَابِعِهِ عَلَى خُفَّيْهِ خُطُوطًا كَمَا رُئِيَ آثَارُ أَصَابِعِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَلَى الْخُفِّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَرَانَا الثَّوْرِيُّ كَيْفَ الْمَسْحُ، فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلَى مُقَدَّمِ خُفِّهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ حَتَّى أَتَى عَلَى أَصْلِ السَّاقِ.

.ذِكْرُ عَدَدِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجْزِي لِلْمَاسِحِ عَلَى خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً.
477- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي نَافِعٌ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا يَعْنِي مَسْحَةً وَاحِدَةً بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا، وَقَدْ أَهْرَاقَ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَاءَ فَتَوَضَّأَ هَذَا لِجَنَازَةٍ دُعِيَ إِلَيْهَا.
478- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، قَالَ: مَرَّةً وَاحِدَةً. وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: كَيْفَ الْمَسْحُ؟ فَقَالَ: هَكَذَا، وَخَطَّ بِأَصَابِعِهِ عَلَى ظَهْرِ رِجْلَيْهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا ثَلَاثًا أَحَبُّ إِلَيَّ.

.ذِكْرُ مَا يَجْزِي مِنَ الْمَسْحِ:

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُجْزِئُ مِنَ الْمَسْحِ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: كَيْفَ مَا أَتَى بِالْمَسْحِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ بِكُلِّ الْيَدِ أَوْ بِبَعْضِهَا أَجْزَأَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ، وَإِذَا مَسَحَ بِأُصْبُعٍ، أَوْ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ أَجْزَأَهُ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: الْيَسِيرُ مِنَ الْمَسْحِ يُجْزِئُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا أَدْرِي أَرَادَ الْمَسْحَ عَلَى الرَّأْسِ أَوِ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَجْزِي أَنْ يَمْسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَمْسَحَ بِكَفِّهِ كُلِّهَا، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْحَسَنِ لَا يَجْزِيهِ أَنْ يَمْسَحَ بِأُصْبُعٍ أَوْ بِأُصْبُعَيْنِ، فَإِنْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، أَوْ أَكْثَرَ يَجْزِيهِ إِذَا مَسَحَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَحَكَى ابْنُ مُقَاتِلٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ النُّعْمَانِ، وَزُفَرَ، وَيَعْقُوبَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَجْزِيهِ حَتَّى يَمْسَحَ مِنَ الْخُفِّ الْأَكْثَرَ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ، فَإِنْ مَسَحَ النِّصْفَ، أَوْ أَقَلَّ لَمْ يُجْزِهِ.
وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، يَقُولُ: إِنْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ بِأَنْصَافِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ لَمْ يُجْزَ ذَلِكَ حَتَّى يَمْسَحَ بِكَفَّيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِحْدَى كَفَّيْهِ عِلَّةٌ، فَحِينَئِذٍ يَجْزِي عَنْهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَنْ يَمْسَحَ بِمَا أَمْكَنَهُ مِنَ الْكَفِّ.

.ذِكْرُ الْخُفِّ يُصِيبُهُ بَلَلُ الْمَطَرِ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الْخُفِّ يُصِيبُهُ الْبَلَلُ مِنَ الْمَطَرِ أَوْ يَنْضَحُ عَلَيْهِمَا مَاءً، فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ يَقُولَانِ: يُجْزِئُهُ ذَلِكَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا تَوَضَّأَ إِلَّا الْمَسْحَ، ثُمَّ خَاضَ الْمَاءَ فَأَصَابَ الْمَاءُ ظَاهِرَ الْخُفَّيْنِ يُجْزِئُهُ مِنَ الْمَسْحِ، وَقَالُوا: إِنْ مَسَحَ خُفَّيْهِ بِبَلَلٌ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ، فَإِنْ مَسْحَهُمَا بِبَلَلٌ فِي يَدَيْهِ يُجْزِئُهُ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ الْمَطَرُ حَتَّى يَنْوِيَ بِذَلِكَ الْمَسْحَ، هَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَمْسَحَ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَقْيَسُ.